تتميز الواحات التقليدية لشمال أفريقيا والشرق الأوسط، التي تهيمن عليها بساتين النخيل، بمزايا هامة من أبرزها الإنتاج المبكر والتنوع البيولوجي النباتي والحيواني. وبالإضافة إلى التنوع الاستثنائي لنخيل التمر، فإن المحاصيل المرتبطة به، مثل الأشجار المثمرة والحبوب والخضار والأعلاف والنباتات الطبية، تزخر بثروة بيولوجية ملحوظة. كما تعتبر الواحات مهد أنواع مختلفة من الحيوانات.
على الرغم من هذه المزايا الواضحة، تواجه أغلب الواحات بالعالم إكراهات عدة. إذ يواجه توازن النظام الإيكولوجي للواحة اقتران مجموعة من العوامل والعناصر المزعزعة لاستقراره: استغلال مفرط للموارد الطبيعية وجفاف مستمر وتوسع قوي للتجمعات الحضرية على الأراضي المزروعة وتأثيرات متزايدة لتغير المناخ وتعرية جينية حيوانية ونباتية وترسب الرمال وتملح التربة، مما يؤدي إلى التصحر.وفيما يتعلق بنخيل التمر، فعلى الرغم من تكيفه مع الظروف المناخية في الواحات، فإنه يواجه تحديات وتهديدات كثيرة ويضعف بسبب الجفاف المتكرر (الأمراض الفطرية والآفات وتملح في التربة…). وبالتالي فإن الواحات معرضة لخطر حقيقي من شأنه كسر التوازن بها ونتائج سلبية على استمراريتها واستدامتها، وخطر اختفائها أمام ندرة مصادر المياه وتصاعد التصحر.
إن الجهود الواضحة في مجال البحث العلمي والتقني تستحق المتابعة والتعزيز من أجل إيجاد أجهزة الحماية والحلول الأكثر ملاءمة لتجاوز هذه الإكراهات.
وأمام هذه الإكراهات، التي تتفاقم بسبب تأثيرات التغير المناخي، يتبين أنه من الضروري التعامل مع تعقيد إشكالية التنمية بالواحات عبر مقاربة تتسم بالانفتاح وتبادل الخبرات بين جميع الأطراف المعنية بمجال الواحات في مختلف البلدان. من المؤكد أنه تم بذل جهود هنا وهناك، ونجحت برامج البحث في تحقيق نتائج مختلفة مهمة. إلا أن هذا التعقيد يتطلب تفكيرًا عميقًا، متعدد المؤسسات ومتعدد القطاعات، لاقتراح خيارات تسيير مندمجة ومستدامة لهذه المجالات.
وإدراكًا منها للدور الاستراتيجي الذي تلعبه الواحات في المناطق القاحلة بالعالم، تنظم وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات بالمغرب”مؤتمرًا دوليًا للواحات ونخيل التمر” تتمثل أهدافه فيما يلي:
- وضع تقييم للمعرفة المكتسبة في مجال تنمية مناطق الواحات وتحليل المميزات والإكراهات الرئيسية لنظام الواحات وكذلك آليات الدعم لتنميتها المستدامة؛
- التبادل حول الفرص والإمكانيات المتاحة للتنمية الفلاحية المندمجة، بما في ذلك سلسلة نخيل التمر والإكراهات المرتبطة بها؛
- تبادل المعلومات والخبرات بين المشاركين بهدف تعزيز الشراكات والتعاون العلمي من أجل وضع نماذج مستدامة للتسيير التقني والاقتصادي للأنظمة الواحاتية؛
- تعزيز الآليات المناسبة للمعرفة والحفاظ على استدامة النظم الإيكولوجية الواحاتية.
