top of page
Save the date 2025 Ver Arabe.png

مرونة و تأقلم منظومات الواحات مع جميع التغيرات

تتميز الواحات بمناخ يتسم بندرة الأمطار، وتباين حراري شديد، واعتماد كبير على تعبئة المياه لدعم الأنشطة الزراعية والاقتصادية. وتلعب هذ النظم الإيكولوجية دورًا متعدد الوظائف على المستويات البيئية والاقتصادية والاجتماعية في المناطق القاحلة من العالم. وتعد مسألة المياه ذات أهمية حيوية في هذه البيئات، حيث يصبح من الضروري معرفة الإمكانيات والموارد المائية المتاحة بدقة. ويتطلب ذلك وضع استراتيجيات إدارة مستدامة، تركز على تعبئة الموارد المائية واستخدامها بشكل عقلاني، بهدف الحفاظ عليها وتثمينها.

تمثل النظم البيئية للواحات مهدًا لتنوع بيولوجي استثنائي. فالواحات التقليدية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط تتميز بتنوع فريد في الأصناف النباتية والحيوانية. وإلى جانب التنوع الاستثنائي لنخيل التمر، تحتضن هذه النظم الإيكولوجية مجموعة واسعة من المحاصيل المصاحبة، بما في ذلك الأشجار المثمرة، والحبوب، والخضروات، والأعلاف، والنباتات العطرية. كما أنها تزخر بتنوع هام في الأنواع الرعوية والطبية. وتعد هذه النظم أيضًا موطنًا للتنوع الحيواني، سواء الأليفة منها أو البرية. في المغرب، تشتهرسلالتا دمان وسيروا من الأغنام التي لها القدرة على التكيف والإنتاجية في هذه البيئات الواحاتية. ونظرا إلى التهديدات التي تواجه هذا التنوع البيولوجي، فمن الضروري وضع استراتيجيات وخطط عمل مناسبة لضمان حمايته وتثمينه بشكل مستدام.

على الرغم من أن تربة النظم الإيكولوجية للواحات تغطي مساحات شاسعة، إلا أنها تواجه تهديدات خطيرة بالتدهور. كما تمثل ظواهر التعرية، والاستنزاف، والتلوث، وفقدان الخصوبة تحديات رئيسية تواجه استدامة هذه النظم. لذا، أصبح من الضروري الإسراع في تشخيص عملية التدهور ووضع إجراأت ملموسة للحد منها. لهذا فإن الإدارة المستدامة لتربة الواحات ضرورية للحفاظ على هذا التراث الفريد وضمان صمود ومرونة النظم البيئية والمجتمعات المعتمدة عليها. إلى جانب العوامل الطبيعية التي تهدد استدامة النظم البيئية الواحية، ينبغي أيضًا مراعاة التحولات الاجتماعية لاعتماد نهج متكامل لتنمية الواحات بشكل مستدام. ويصبح إشراك الشباب بفاعلية في هذه الرؤية ضرورة ملحة، من أجل بناء مستقبل أفضل للواحات وسكانها. إن الاستثمار في مشاركة الشباب وانخراطهم يعد أمرًا جوهريًا لضمان استمرارية هذه النظم البيئية الفريدة وتعزيز قدرتها على الصمود في مواجهة التحديات المستقبلية.

تلعب سلسلة التمور في واحات النخيل دوراً استراتيجياً في الحفاظ على هذه النظم البيئية وتنميتها. فهي رافعة رئيسية تدور حولها جميع الأنشطة الزراعية. ويتطلب هذا القطاع نهجاً متكاملاً وحلولاً مصممة خصيصاً لمواجهة التحديات الخاصة بالواحات. وفي المغرب، تم تنفيذ هذا النهج في إطار مخطط المغرب الأخضر وتعزيزه من خلال استراتيجية الجيل الأخضر، مما مكن من تحقيق انتعاش كبير في تنمية هذه المناطق. ومع ذلك، من المهم التذكير أنه على الرغم من تكيف نخيل التمر مع الظروف المناخية للواحات، إلا أنه لا يزال يواجه عدداً من التحديات. وتشمل هذه التحديات الجفاف المتكرر،والأمراض الفطرية، والآفات، وتملح التربة، وكلها عوامل تضعف إلى حد كبير هذه الركيزة الأساسية للنظم البيئية للواحات. ولضمان استدامة هذا القطاع، من الضروري مواصلة الاستثمار في الحلول المبتكرة والمناسبة، مع تعزيز مرونة الواحات في مواجهة التحديات المناخية والبيئية.


على الرغم من المزايا العديدة التي تتمتع بها النظم الإيكولوجية للواحات، فإن غالبية الواحات في جميع أنحاء العالم تواجه صعوبات شديدة: الجفاف، العزلة، الملوحة، التدهور الجيني للنباتات والحيوانات، بالإضافة إلى تراكم الكتل الرملية، مما يؤدي إلى تقدم مقلق في التصحر. وتستدعي هذه التحديات، التي تتفاقم مع آثار تغير المناخ، نهج مقاربة شاملة وموحدة لمواجهة تعقيدات التنمية المستدامة في الواحات. في مواجهة هذه التحديات، من الضروري اعتماد نهج قائم على الانفتاح وتبادل الخبرات بين جميع الأطراف المعنية، سواء كانوا من الفاعلين المحليين أو الوطنيين أو الدوليين المشاركين في إدارة المجالات الواحية. وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي بُذلت والبرامج البحثية التي حققت نتائج مهمة، إلا أن حجم التحديات الصعبة يتطلب تفكيراً معمقاً يتطلب تعاون عدة مؤسسات وقطاعات.

والهدف من ذلك هو اقتراح خيارات إدارة مستدامة ومتكاملة للحفاظ على هذه المناطق الفريدة من نوعها وتثمينها. وفي هذا الإطار، تُنظم النسخة الثانية من” المؤتمر الدولي للواحات ونخيل التمر“، وهو حدث يستهدف جمع الأطراف الفاعلة المعنية وتعزيز التعاون الدولي من أجل تنمية الواحات واستدامتها.

bottom of page